مياه الصنبور في بلجيكا: لماذا يخشى البعض شربها رغم جودتها العالية؟

موقع العيون البلجيكية _ على الرغم من أن مياه الصنبور في بلجيكا تُعتبر من بين الأفضل عالمياً، إلا أن الغالبية العظمى من البلجيكيين يُفضِّلون شراء المياه المُعبّأة، حتى أصبح البلجيكي من أكثر شعوب العالم إستهلاكاً لها. فالمواطن البلجيكي يشرب من المياه المُعبأة ما يزيد عن ستة أضعاف ما يشربه المواطن الهولندي!
ووفقاً لإحصائيات عام 2025، إحتلت بلجيكا المرتبة الثالثة عالمياً في إستهلاك المياه المعبأة بمعدل 300 لتراً للفرد الواحد سنوياً، بعد إيطاليا ودولة الإمارات.
لكن السؤال المهم: هل مياه المتاجر في بلجيكا أفضل فعلاً من مياه الصنبور؟، وكيف يمكن معرفة نسبة “الكالك” أي (الجِير) في مياه الصنبور داخل بلديتك؟ سوف نوضح لك.
تجربة شخصية
بصفتي شخصاً نشأ في دولة عربية، كنت معتاداً على شرب مياه الصنبور رغم إرتفاع نسبة الكلور فيها. وعندما إنتقلت إلى بلجيكا لاحقاً، كنت فضولياً لمعرفة جودة المياه هنا، ولذلك زرت عدّة بلديات وسألت عن صحة مياه الصنبور بنفسي. لذلك هذا المقال خلاصة تلك التجربة لمساعدة الجالية العربية في بلجيكا.
ما هو مصدر مياه الصنبور في بلجيكا؟ وهل شرب مياه الصنبور آمن؟
يظن كثيرون أن مياه الصنبور تأتي مباشرة من القنوات المائية، والتي تبدو غير نظيفة بسبب مرور السفن فيها. وهذا الإعتقاد يُثير مخاوف حول وجود بقايا أدوية أو هرمونات في المياه.
لكن الحقيقة أن مياه الصنبور في بلجيكا تخضع لمعايير صارمة للغاية، تضعها كل من:
* منظمة الصحة العالمية (WHO).
* الاتحاد الأوروبي.
* الحكومة البلجيكية.
* السلطات الإقليمية.
ويجب أن تكون خالية من:
* بكتيريا *E.coli* التي تأتي بسبب تلوث الماء مع البراز.
* المبيدات.
* النترات والفوسفات بنسبة تتوافق مع المعايير.
لذلك فهي “صالحة وآمنة تماماً للشرب، ولكن ليس في كل البلديات البلجيكية، فقد ثبت أن حوالي 50 في المئة منها ملوثة بمادة “PFAS” وهي مادّة غير صحية وخاصة لمناعة الأطفال.
إستثناءات يجب الإنتباه لها من مياه الصنبور في بلجيكا
بعض البلديات قد يكون فيها مستوى النترات أو الجير مرتفعاً قليلاً، وهو ما قد لا يناسب:
* الأطفال الرُّضع.
* النساء الحوامل.
فالرُّضع تحت ستة أشهر لديهم مستوى منخفض من حمض المعدة، مما يجعلهم أكثر عُرضة لتحويل النترات إلى نتريت، وهذا قد يؤدي لنقص الأكسجين في الجسم.
إضافة إلى ذلك، قد تحتوي المنازل القديمة جداً، خصوصاً التي تم بناءها قبل 1970، على **أنابيب رصاص**، مما قد يلوث المياه. لذلك إذا كان منزلك قديماً، فالأفضل فحص المياه للتأكد من خلوها من الرصاص.
لكن ماذا عن الكلور الموجود بمياه الصنبور في بلجيكا؟
تضيف شركات المياه في بلجيكا كمية صغيرة من الكلور لحماية المياه أثناء انتقالها عبر الأنابيب. لكن الكلور آمن صحياً، لكنه قد يترك رائحة أو طعماً بسيطاً، ويمكن التخلص منه بسهولة. والحل أن تترك كوب الماء لدقائق وسيتبخر الكلور تلقائياً.
لماذا يُفضِّل الناس في بلجيكا المياه المعبأة؟
تلعب الدعاية دوراً كبيراً في تعزيز هذه العادة، حيث تصور المياه المعبأة على أنها “أنقى” و“أصح”.
لكن الواقع يقول العكس:
* قد تحتوي المياه المُعبّأة على بكتيريا بعد فتح الزجاجة.
* تسوء جودتها إذا تم تخزينها في حرارة مرتفعة.
* تكلفتها أعلى بـ 30 إلى 50 مرة من مياه الصنبور.
* تخلف تلوثاً بيئياً كبيراً من الزجاجات البلاستيكية.
بل إن دراسة مُنظّمة حماية المستهلك في بلجيكا “Test-Aankoop” أظهرت أن 1 من كل 4 علامات تجارية للمياه المعبأة تحتوي على نِسب عالية من الفلور أو الكبريتات أو الصوديوم، مما يجعلها غير مناسبة للاستهلاك اليومي.
ماذا تفعل إذا شككت في جودة المياه في منزلك؟
إتصل بشركة المياه المسؤولة عن منطقتك. وفي حال كان هناك تلوث فِعلي، فالفحص سيكون **مجانياً**.
ملاحظة: من الأفضل شراء المياه المعبأة لأنها تمت بعد عملية تعقيم جيدة. حيث أكدت عالِمة السموم البلجيكية “غريت شوترز” من جامعة أنتويرب أن شُرب الأطفال لمياه الصنبور الملوَّثة في بلجيكا قد يؤدي إلى آثار واضحة على جهاز المناعة، مما يزيد من إحتمالية إصابتهم بالأمراض ويجعل إستجابتهم للتطعيم أقل إيجابية.



